Sunday, July 27, 2008

بسببه..


أكيد شئ مؤسف انى بعد الغياب الطويل ده عن المدونة أرجع بتدوينة اتكلم فيها عن يوسف شاهين فى يوم وفاته، كأنى بانعيه، الحقيقة انا ماكنش عندى أدنى رغبة فى الكتابة عن أى شئ، وحتى خبر وفاته لما عرفته الصبح ماهزنيش قوى، ماكنش غايب عن حد ان يوسف شاهين بيحتضر، ويمكن عشان كده ماتصدمتش ولا اتهزيت لما عرفت الخبر الصبح، بس بعد شوية اتنبهت فجأة على حاجة كانت غايبة عنى، وهى ان فى احتمال لو ان يوسف شاهين ماكنش اتوجد فى حياتى كان زمانى دلوقتى بأفكر فى أى حاجة تانية غير السينما.
صحيح انا من صغرى غاوى أفلام، اتفرج واتخيل وأعيش مع الأبطال، لكن اللى حببنى فى السينما بالذات كانت أفلام يوسف شاهين، يمكن لأنى حسيت انه الوحيد الصادق فى أفلامه، يعنى لما تتفرج على فيلم ليه، وترجع تشوفه هو نفسه فى لقاء تليفزيونى مثلاً تلاقى ان الفيلم هو نفسه يوسف شاهين، مش جزء منه، ومش مجرد فكرة مؤمن بيها أو بيدعى انه مؤمن بيها زى بعضهم إنما ده هو بذاته، يعنى يوسف شاهين هو بابا أمين وهو اسكندرية ليه وهو اليوم السادس... إلخ، اللى باقوله ده مش تحليل أو نقد، ده مجرد تذكر لانطباع قديم أخدته عن يوسف شاهين وأفلامه لما شفتها لأول مرة فى حياتى، وخلتنى أبدأ اهتم بانى أعرف يعنى ايه مخرج، وإيه دوره فى العمل السينمائي، وايه الفرق بين مخرج والتانى، بسببه ابتديت اهتم بإنى ماكتفيش بالفرجة على الفيلم انما ادخل جوا كل تفصيلة فيه وأحاول أفهمها، بسببه جت أول محاولة ليا عشان أكتب فيلم، بسببه جت أول محاولة ليا عشان أكتب نقد، وبسببه حتى قريت عن حاجات كتير ماكنتش اتخيل انى اقرا عنها، ده انا قريت كتب لابن رشد بسببه.
يمكن مع مرور السنين ابتديت أعرف ايه المدارس السينمائية، وسعيت انى أصنف المخرجين اللى أعرفهم داخل المدارس دى، ومع الوقت عرفت ان السينما اللى باحبها وباميل ليها بشكل شخصي بعيدة عن أفلام يوسف شاهين، لكن بالرغم من كده لسه أفلامه جوايا جزء منى مش قادر أنساه أو ابعده عن نفسي، مش قادر كل ما آجى أفكر فى مشهد أو لقطة من أى فيلم لحد غيره انى ماقارنهاش باللى كان بيعمله مع ان مفيش اى وجه للمقارنة....
مش حأقدر أنسي نور الشريف فى حدوتة مصرية لما كان بيقول انه مش مسلواتى وخلانى أعرف انى انا كمان لازم مابقاش مسلواتى، مش حأقدر أنسي الألم اللى كنت باحسه لما بيطلق المجاميع عشان تعترض على قرار التنحى فى فيلم العصفور وايه معنى انك تشتم واحد من كتر ما بتحبه، مش حأقدر أنسي الفرحة المريضة وهو بيزعق بعلو صوته "كات.. قفشناها" فى فيلم اسكندرية كمان وكمان، مش حأقدر أنسي أكبر مراية شفتها فى حياتى واللى اسمها عودة الابن الضال لما شفت فيها أبويا وشفت أهلى وشفت الشارع بتاعنا وحتى شفت نفسي، مش حأقدر أنسي أيام ماكنت فى اعدادى وكانوا بيشحنونا فى المدرسة بشحنات كراهية عمياء للآخر أياً كان، ولليهود بشكل خاص، ومع ذلك ماقدرتش امنع نفسي من البكا فى المشهد اللى كان يوسف وهبى بيودع فيه اسكندرية فى فيلم إسكندرية ليه... آه كنت حانسي حاجة، حتى حبى لاسكندرية اللى اعتبرها ألذ مكان فى فيلم اليوم السادس... كان برضه بسببه.
-----------------------------------------------------------------
ع الهامش: كنت دايماً باسمع مثل بيقول ان المتشائم عمره ما بيصدم، وعمرى ما حسيت ان المثل ده صح لأنى كنت طول عمرى متفائل، بس فى الفترة الأخيرة مابقتش متفائل ولا حتى متشائم، بقيت لا مبالى، وطبيعي أكون كده إذا لقيت ان اللى مابيتعبش ومابيجتهدش بياخد مكان اللى بيتعب ويجتهد، طيب يبقى ليه أصلا اتعب نفسى واجتهد فى أى حاجة، بس المشكلة انى برضه ماعرفش شغل السرقة والكروتة، وبالتالى فأفضل شئ انى أكون لا مبالى، مش كده؟!!

أحمد بدوى

Wednesday, April 23, 2008

عن حفل التخرج

)الصور قد تأتى لاحقاً)
بصراحة انا مش عارف أبدأ منين...
بس على اعتبار انه بلوج، يعنى مدونة شخصية فخلونى، بعد اذنكم أو حتى من غير اذنكم، اتكلم انا كنت شايفه ازاى...
انا بصراحة كنت مخنوق جداً من انى اروح اليوم ده، بس كنت عارف انى لو قلت كده حاسمع كلام مش حلو خالص من ناس كتير، وبالفعل لحد الساعة تمانية مساءَ من اليوم ده، يعنى بعد نص الحفلة تقريباً كنت مخنوق على آخرى، مخنوق ليه بقى... لحاجات كتير... على راسها أكيد انى كنت حاشوف خلق انا فعلاً حاسس انى مستريح نفسياً انى مابقتش اشوفها بعد التخرج، رغم انى ماعنديش اى مشاكل معاهم على ما اذكر بس كنت باحس انى مفقوع وانا شايفهم، والحمد لله ربنا كرمنى بشكل عجيب وماشفتش ولا خلقة منهم فى اليوم ده...
تانى حاجة كان فى سؤال ملح فى ذهنى وهو معنى كلمة "حفلة"، احنا رايحين نحتفل بإيه؟ بالتخرج؟، طيب ما احنا اتخرجنا من ييجى سنة، بانهم طلعولنا الشهادات؟، أكيد ده مش حدث يجوز الاحتفال بيه يعنى، بإن احنا زى ما طلعنا على نفسنا دفعة متميزة وماحصلتش؟، باعتراف كذا حد من اللى أثق فى رأيهم من دفعتى فإحنا اطفينا جامد بعد التخرج، يمكن معظمنا لسه مكمل زى ما كان فى حياته وشغله، ويمكن البعض كمان اصبح وضع الاتنين عنده أفضل، لكن فينا حاجة مش مظبوطة.. هى إيه.. والله ما اعرف، بس ممكن اقول ان فيه ناس كرامتها اعز من اى حاجة ودول جديرين بالاحترام أكيد، وناس بتتاطى لأى كلب عشان يـ... يعضهم يعنى ماتفهموش غلط فى مقابل انهم يبيعوا أى حاجة.. يبيعوا فنهم يبيعوا أحلامهم يبيعوا كرامتهم يبيعوا أى حاجة عشان يوصلوا لسبوبة بحتة.. وطبعاً دول جديرين بالشتيمة... فيه اللى حصروا حياتهم فى إنسان مش مهتم بيهم لدرجة افقدتهم الاتزان الحياتى، ودول جديرين بالشفقة، وفى اللى صدقوا وهم كبير وعاشوه وفى الآخر اكتشفوا انه كان زى البالونة اللى عمالة تكبر تكبر لحد ما تفرقع فى الآخر، ودول جديرين بصفعة على الوش أو القفا أو أى مكان متاح عشان يفوقوا بما فيه الكفاية... وطبعاً فى اللى دخلوا الجيش ودول جديرين بالدعاء ليهم (مش حاذكر اسماء طبعاً ماعدا فى آخر حالة يمكن حد نضيف يخش ويدعى.. ربنا يعدى ايامك فى الجيش على خير يا أحمد يا ضبع).
م الآخر انا كنت مقتنع ان مفيش مبرر للاحتفال بأى شئ، بس قلت حاتعامل مع الموضوع على انه خروجة مع صحابى بس فى جو مختلف شوية عن المألوف.

مش عارف ايه جو النكد اللى دخلت فيه الموضوع ده، بس خلونا نحكى عن اليوم نفسه، هو ده اللى فيه البهجة...
اليوم بدأ بإننا اتقابلنا فى الكلية حوالى الساعة اتنين الضهر (وقت بداية حرب اكتوبر كده)، وساعتها ادركنا مدى عظمة الجندى المصري اللى عبر القناة فى الوقت ده، وكان سبب الادراك هى حرارة الجو المفرطة فى السخونة، قابلت ايهاب التهامى وأحمد سمير وأحمد عبد الجواد، وبعدين طلعنا لمدرج الكلية وقابلنا هناك أحمد الضبع وأحمد يس (واحد من أجدع الناس فى كليتنا واللى اعترف انى طول الاربع سنين كنت من اندل ما يمكن معاه، ودليل جدعنته انه حتى الآن ماتخرجش بس كان واقف معانا فى كل لحظة طول اليوم) وكمان قابلنا عمرو نجيب (زقزوق) وأحمد عبد الحميد السيد ومحمد جلال وحاتم رضا ومحمد فتحى وانضم إلينا لفيف من خريجى إعلام دفعة 2007 ممن لا يتسع المقام لذكرهم، مانا مافييش دماغ اقعد افتكر كل واحد دخل قال سلامو عليكو ومشى.
طلعنا لمدرج اربعة واحتليناه لوحدنا، وعمرو خد قرار انه يعمل بكاميرا الفيديو اللى معاه كليب قبيح (على مستوى اللفظ فقط)، بمعنى انه حيدور الكاميرا على كل واحد بحيث يقول اللى فى نفسه تجاه الكلية بلغة قبيحة، أو ممكن يستخدم إشارات يعنى زى اللى درسوهالنا فى مادة العلاقات العامة فى سنة أولى، كان اسمها اشارات ذات دلالات باين، اللى هى اشارة بتغنى عن كلام كتير، وطبعاً كانت الاشارة الوحيدة المستخدمة فى وصف أحاسيس البعض عن الكلية إشارة لم ندرسها فى الكلية، وإنما اتعرفنا عليها من ملاعب الكرة غالبا، وبالذات على ايدين الكباتن حسام وابراهيم حسن (صحيح همة لسه بيلعبوا ولا اعتزلوا؟.. انا باسأل بجد مش باهزر).
فى منتصف الكليب اضطريت أمشى عشان أقابل واحدة انا باعتبرها أطيب إنسان شفته فى حياتى حتى الآن، وهى رباب الشافعى، بجد هى حد من أطيب ما يمكن ووقفت جنبى كتير فى مواقف كتير، وكانت فعلاً أكتر من أخت، مافتكرش انى اتضايقت منها أبداً غير يمكن مرة واحدة وكانت قريبة قوى، لما لقيتها متضايقة من طيبتها، بجد رباب دى نعم الأخت.
نرجع تانى للمسخرة.. انضملنا وقتها خالد ممدوح واتحركنا بعدها للقبة بعد التقاط مجموعة صور كان الغرض المعلن منها تصويرنا أما الغرض الخفى فممكن نقول انه محاولة لالتقاط صور لسبب حبنا للكلية، مع الأسف الصور اللى على كاميرتى ماطلعتش قد كده، اتمنى تكون كاميرا جلال جابت حاجات حلوة.
بعد كده انطلقنا للقبة، اللى هى لما تلاقى فى الفيلم ان الواد بيدرس فى جامعة حلوان والبت بتدرس فى جامعة عين الشمس ويحب يعرفك انهم فى الجامعة يقوم جايبلك لقطة للقبة اللى فى جامعة القاهرة دى، المهم اننا رحناها، وهناك بدأت المعاناة، الأول مشونا فى جنازة كده بتعزف فيها فرقة حسب الله قدام وقالولنا ده موكب الخريجين، طيب، مشينا فى الموكب وبعد انتهائه كان كل واحد من اللى اهله جايين مشغول عليهم همة جم ولا لأ، ولو جم طيب عرفوا يخشوا ولا إيه، م الآخر كان كل واحد حاسس انه مسئول عن مجموعة أطفال، مع اننا اكتشفنا فى الآخر ان العملية سهلة وان الأهالى ممكن يسألوا فين القبة (اللى بيجيبوها فى الأفلام قبل مايجيبوا الواد بتاع حلوان والبت بتاعة عين شمس) ويروحوها لوحدهم.
أخيراً دخلنا القبة، وهناك انضملنا أيمن الشربينى القادم من الاسكندرية (الخرم الباسم)، وكالمعتاد بتاعه كان بيضحك، على ايه ماعرفش، بس كان مهيس بشكل أوفر عن أى مرة لدرجة انه سلم عليا تلات مرات وكل مرة بنفس درجة الشوق يعنى، وهنا كان بدأ الحفل.
ملخص النص الأول من الحفل ممكن اختصاره فى حاجتين، وهى قراءة صفحة الأخبار المحلية اللى فى جرنان الأهرام مع مشاهدة فيلم "سكوت حنصور" أو الاكتفاء بسماع أغنيته اللى ألفها الشاعر الكبير جمال بخيت، واللى اختارها أثناء تكريمه فى الحفلة دونا عن كل أغانيه وقصايده ودواوينه عشان يشنف آذاننا بيها، طيب ما احنا عارفينها وحافظينها من ييجى سبع سنين، حتى بالأمارة كان خالد الغندور وهانى سلامة بيطلعوا فى الكليب بتاعها على انهم المصري يعنى.
بعد النص الأول اللى حتلاقوا الجرايد مش متكلمة غير عنه، بدأ النص التانى، واللى كان عبارة عن مناداة اسم كل واحد فى الدفعة عشان يتسلم شهادته ويسلم ع الدكاترة اللى كانوا بينجحوه من غير ما يعرف ازاى او يسقطوه من غير ما يعرف ازاى برضه، وده وفقاً لترتيب الأقسام أولاً (صحافة، إذاعة، علاقات)، ووفقاً لترتيب المجموع ثانياً، فى الوقت ده كنا كلنا واقفين منتظرين صحابنا من صحافة يطلعوا عشان نصقفلهم ونهيصلهم، وانضملنا هنا أحمد الكاس وفراس اصحابنا اللى شرفونا بجد اليوم ده، وطبعاً عمى وعم عيالى إياد صالح اللى فرحت لما شفته بجد، المهم، طلعنا كلنا واحد ورا التانى فى قسم صحافة وفق الترتيب، وكانت طلعات عادية بصراحة لحد ما جه عمرو نجيب (زقزوق) وطلع، بمجرد طلوعه ألقى بقبلة سريعة نحو جماهيره المتعطشة، تقولشى الواد جاب جون فى نهائى أفريقيا مثلاً، بس كانت حركة ملعوبة وحلوة بصراحة، وعدى كام حد وجه الدور عليا، وقبل ما اطلع بشوية محمد فتحى قاللى خد الشابوه البسه (الشابوه ده البتاع المربع اللى عامل زى الطاجن الفاضى كده) لسه حاقوله لأ انا مش عايزه، لقيت حاتم قام واخده منه ومديهونى وأحمد عبد الجواد قام واخده منى وملبسهولى فى دماغى، انا فعلاً ماكنتش عايز البسه، وكمان حاسس انه ضيق على دماغى وحيتزحلق وانا فوق ع المنصة، كنت لسه حاتلفت ارجعه لمحمد فتحى لقيتهم ندهوا اسمى، وانا طالع ع السلم خطر فى بالى فكرة عشان اتخلص من احراج الشابوه ده، كانت انى مجرد ما اطلع على المنصة اقلع الشابوه وانحنى للجمهور ولا كأنى واخد الأوسكار، وقد كان وبالتالى اترفع الحرج والحمد لله.
بعد صحافة وإذاعة اللى ماحصلش فيهم حاجة مميزة تقريباً، بدأت مناداة أسامى خريجى علاقات عامة، وطبعاً عدت عادى لقرب الآخر لما طلع إيهاب التهامى عشان يستلم شهادته، صباح التناكة يا جدع، طالع بيضحك ولا هامه حاجة، ويسلم ع اللى يعجبه م الدكاترة وينفض للى مايعجبوش، غير طبعاً لفتته لينا بقى وهو بيلوح بيده كأنه فيديل كاسترو مثلاً.
انفضت الحفلة واحنا بنضحك، وعشان يكمل الانبساط طلعت علبة السيجار من جيبى، السيجار بقى طقس احتفالى عندنا خلاص، وولعت انا وايهاب واياد وفراس وعمرو (اللى ماقدرش يكمله كالمعتاد واداه لخالد يكمله)، خلصنا نص السيجار تقريباً.. وبعدين نزل معظمنا على وسط البلد.. أكلنا وقعدنا على قهوة إياد وادهالنا وقالنا انها بتعمل سوبيا (وطلعت فعلاً بتعمل سوبيا)، وبعد كده رجع كل واحد على بيته...
لما رجعت جبت اللاب توب، وخدته ع السرير وقعدت اكتب الكلام اللى قريتوه ده، باحاول استمتع بذكرى جميلة عدت عليا النهاردة، وانضافت لذكريات تانية حلوة، وأخيراً نهيت متعة استرجاع الاستمتاع مع آخر أنفاس السيجار باللسعة الممتعة اللى بيسيبها ع اللسان.

أحمد بدوى

Wednesday, March 19, 2008

الفرسان الثلاثة

1
طاهر رجل ملتحى ومتدين ولا تفارق المسبحة يده، يعتبره الناس بركة منطقتهم، يعمل بالتجارة ولكنه مديون لعدد من الأشخاص ابتداءً من أصحاب الأعمال الكبار وانتهاء بالبقال والفران، وينتمى طاهر لجمعية تسعى لنشر الأخلاق يرأسها رجل يدعى فاضل الحنبلى، وباعتباره رئيس الجمعية فبالتأكيد المسبحة ستكون أطول كثيراً من التي يملكها طاهر.

2
يزور طاهر في محل عمله رجل يبلغه بوفاة خالته، فنجد طاهر غير متأثر على الإطلاق وحتى عندما يطلب منه الرجل أن يقرأ الفاتحة على روحها يرفض، والسبب أن خالته كانت تعمل كراقصة وصاحبة كباريه، ولكن عندما يخبر الرجل طاهر بأنها تركت له ميراثاً ضخماً يترحم عليها ويقرأ لها الفاتحة. هنا يكتشف أن الميراث نصفه أموال أما النصف الثانى فهو الكباريه الذي اشترطت "المرحومة" أن يديره طاهر بنفسه إلى جانب الرجل الذي جاءه في محل عمله الذي هو آخر أزواجها.

3
في منزل طاهر نجد أن لديه زوجة كبيرة السن مثله فقدت ملامح الجمال، كما أن لديه ابنة في عمر الشباب هي هدى التي تحب ابن عمها نبيل الذي يسكن معهم في نفس المنزل، ولكن طاهر يرفض هذا الوضع لأن ابن اخيه نبيل شاب منحل أخلاقياً ويتردد على الكباريهات المختلفة ويدمن الخمر، ولذلك فهو يفضل أن يزوج ابنته للسيد فاضل الحنبلى بالرغم من أنه يكبر ابنته بكثير.

4
يعود زوج خالة طاهر له ويقنعه أن يأتي للكباريه متنكراً في ملابس مهرج لكى لا يعرفه أحد، وبالفعل يوافق على ذلك وخاصة أن الليلة سيقيم فيها الكباريه حفلاً تنكرياً، وعند ذهابه يقابل مجموعة من الراقصات على رأسهن "عواطف كونتاكت" التي يستخدمها زوج خالته لإغواءه. وفى الليلة التي يذهب فيها يجد هناك ابن أخيه، كما يجد السيد فاضل الحنبلى الذي يدعى أمامه أنه جاء لكى يرصد المفاسد الأخلاقية في المكان، ولكنه في واقع الأمر جاء راغباً في تحقيق سهرة حمراء مع احدى الراقصات، والوحيد الذي يكتشف ذلك هو نبيل ابن أخ طاهر، والذى يدبر له مقلباً ويجبره لاحقاً على التخلى عن فكرة الزواج بابنة طاهر التي يحبها.

5
يعترض طاهر على أسلوب إدارة الكباريه ويقرر في الليلة التالية تغيير نظامه، فيستبدل الخمور بمشروبات مثل العرق سوس والخروب، ويجبر الراقصات على ارتداء النقاب والرقص به على كلمات أغنية تمجد الأخلاق وتنتهى بترديدهن كلمة "الله" كما يفعل رواد حلقات الذكر. بالطبع يعترض زوج خالته على الأمر ويستعين بعواطف كونتاكت لكى تغويه وتثيره، فيبدأ في شرب الخمر حتى ادمانه ويعيد الكباريه لسابق حاله، ويهدر جميع ما ورثه على الخمر والنساء.

6
ابن أخ طاهر (نبيل) يتضايق من الحال الذي وصل له عمه، ويستعين أيضاً بعواطف كونتاكت لكى تقنعه بالعودة لأسرته عن طريق حيلة طريفة بحيث يغازل عواطف وهى تعطيه ظهرها ولكن عندما يرى وجهها يكتشف أنها زوجته التي تضربه حتى يفيق لذاته.

7
في النهاية يجلس طاهر في فراشه متأثراً بالضربات التي كالتها زوجته له، ويزوره بعض سكان الحارة لكى يطمئنوا عليه ويؤكدوا أنهم لم يصدقوا ما أشيع عنه من جريه وراء الراقصات، وبعد انصرافهم يلقى ابن أخيه (نبيل) بحكمة الفيلم التي تقول أن سكان الحارة هؤلاء هم المثال الحقيقي على الاعتدال، وأن طاهر كان متطرفاً في تفكيره، وأنه يجب ألا نتطرف في أى شئ، وألا ننخدع في أصحاب المظاهر الذين يطلقون اللحى ويمسكون المسابح.

النهاية

ما هو مكتوب بأعلى هو نقل لتتابعات أحداث فيلم "الفرسان التلاتة" الذي أنتج عام 1962، وكتبه أبو السعود الابيارى وأخرجه فطين عبد الوهاب، أما أدوار البطولة فكانت:
هدى/رجاء الجداوى
نبيل/محمود عزمى
عواطف كونتاكت/نعمت مختار
زوج الخالة/محمود المليجى
فاضل الحنبلى/عبد السلام النابلسى
طاهر/اسماعيل يس

الفيلم بالنسبة لى كان مدهشاً على عدة مستويات، ولم يكن من ضمنها المستوى الفنى الذي صدمت عندما عرفت أن فطين عبد الوهاب هو من كان ورائه، ولكنه كان مدهشاً على مستويات أخرى سياسية واجتماعية ودينية، وشاهدته بالأمس مصادفة على إحدى القنوات الفضائية. لن أعلق على الفيلم بأكثر من ذلك وسأترك لكم التعليق.

أحمد بدوى
---------------------------------------------------------------------------------------------------------

ع الهامش: قريت في عامود الأستاذ خيرى رمضان اللى بيكتبه في المصري اليوم مقالة ممتعة قوى بعد ماتش الأهلى والزمالك، مع الأسف مش فاكر تاريخها، بس المهم ان المقالة كانت كلها مديح لنادى الزمالك وللمدير الفنى بتاعه بعد فوزه المستحق والساحق على الأهلى، وكان فيها كلام زى أمير أثبت انه حارس غير جيد وجوزيه تغييراته غير موفقة وغياب ابو تريكة أثر ع الفريق... إلخ، انا شخصياً اتخضيت في الأول لأنى كنت عارف ان الماتش خلص للأهلى اتنين صفر، بس في آخر المقالة لقيته كاتب ان ده هو اللى كان حيتكتب في حالة فوز الزمالك ع الأهلى، وان هو ده حال الصحافة الرياضية في مصر، وفعلاً كلامه صح بس مش على الصحافة الرياضية بس، انما على الصحافة عموماً، أعتقد اننا يمكن نكون البلد الوحيدة اللى الصحفي فيها ممكن يكتب عن الكورة وهو مايعرفش الخطط بتاعتها، وممكن يكتب في السينما وهو مايعرفش صفحة السيناريو شكلها عامل ازاى، وممكن يكتب عن السياسة وهو عمره ما قرا الدستور المصرى، وده لأن الصحافة عند معظم الصحفيين سبوبة، لكن عمرها ما كانت مشروع بجد له أسباب وأهداف عند معظمهم.

أحمد بدوى

Thursday, February 28, 2008

حاجة حصلت


كالمعتاد
بامشى في الشارع وانا حاطط الام بى ثرى في ودانى وعايش في دنيا تانية مع المزيكا
بس النهاردة اكتشفت حاجة غريبة وهى ان الام بى ثرى عليه كمية أغانى كتيرة للشاب خالد، وسبب ان ده حاجة غريبة انى اول ما جبت الام بى ثرى اكتشفت انه ماينفعش احط أغانى لخالد عليه لأنى ببساطة بانسى نفسى معاها تماماً، ومابركزش في أى حاجة بتحصل في الدنيا من حواليا، وأكيد ده في خطر على حياتى وانا ماشى في الشارع يعنى، وعشان كده كنت مابحطش غير أغانى لرشيد طه اللى باحس حتى ان مزيكته متماشية مع المشى في الشارع عشان الحماسية والعنف المفرطين اللى فيها، يمكن ده الفرق أصلا بين خالد ورشيد، رشيد أغانيه زى ما قلت مليانة بالعنف والحماس المجردين من أى شئ، انما خالد أغانيه فيها العنف والحماس برضه لكن في قالب شاعرى جميل، حاجة كده عاملة زى أفلام سكورسيزى (برضه أفلام سكورسيزى مابقدرش أتابع اى حاجة في الدنيا حواليه لما تبقى شغالة).
المهم، استغرابى زال بسرعه لما افتكرت انى كنت حطيت اغانى خالد ع الام بى ثرى من قبل ما اسافر اسكندرية عشان اسمعهم في القطر يعنى، بس انا راجع من اسكندرية بقالى مدة وشغلت الام بى ثرى كذا مرة وماكنتش بتطلعلى غير أغانى رشيد طه، البلاى ليست ماجابتش خالد غير النهاردة يعنى، طيب اشمعنى؟، ماهتمتش وقعدت أفكر في خالد شوية واستعرض تاريخ حياته اللى انا حافظه صم في خيالى، وافتكرت أمنية غالية عليا وهى ان ييجى يوم وأعمل فيلم عن تاريخ حياته، وماحدش يسأل ازاى أو على أى اساس لأنها أمنية أقرب للحلم، يعنى خيال في خيال، وكانت هي الأمنية الأخيرة، بمعنى انى عندى مجموعة أمانى وطموحات ليها ترتيب معين والفيلم ده كان آخرها زمنياً، فلو عملته حابقى عملت كل حاجة انا عايزها في حياتى وحابقى مش محتاج أعيش دقيقة كمان، الأفكار دى كلها استرجعتها وانا باسمع أغانيه ع الام بى ثرى لدرجة انى كنت حانسى انزل في محطة المترو بتاعتى.
بعد ما طلعت من المترو ودخلت في الشارع الجانبى اللى بيودى على بيتنا، وبم ان الساعة كانت داخلة على اتناشر بالليل، فالشارع كان فاضى تماماً، وكانت فرصة انى اقعد أغنى معاه بصوت مسموع وأغير ايقاع خطواتى على مزيكته، أكيد منظرى كان يضحك ولو ان الضحك كان حيقلب بتراجيديا في الآخر لما لقيت تاكسى معدى من جمبى وضرب فرملة لأنه كان حيخبطنى، فوسعتله لكن طبعاً ماسلمتش من لسان السواق اللى قال كلام مفيش داعى اقوله بقى.
رجعت البيت وفتحت الكومبيوتر، وخطر على بالى أعرف ايه اليوم الجديد اللى دخلناه في الشهر على اعتبار اننا عدينا اتناشر خلاص، حركت الماوس على الساعة، وطلعلى ان تاريخ اليوم هو 29 فبراير 2008، هنا بس ضحكت، لأن زى النهاردة من تمانية وأربعين سنة، يعنى سنة 1960 اتولد خالد الحاج ابراهيم اللى نعرفه باسم الشاب خالد، اتولد في اليوم اللى مابيجيش غير مرة واحدة كل اربع سنين، وبالصدفة فاليوم ده انا كنت حافقد فيه حياتى على ايد تاكسى بسببه.
متخيل دلوقتى اللى بيقرا بيقول عليا اهبل أو بيقول عليا غبى، بس خلاص، بقيت متعود اعرف انى بيتقال عنى كده، من ساعة ماكنت في ثانوى وانا بيتقال عليا كده، مش بس من ساعة ما قلت انى حاخش ادبى وانا جايب مجموع عالى ومحطوط في فصول المتفوقين، لأ، ده من ساعة ما قلت انى باحب الراى وباحب الشاب خالد. ع العموم كل سنة وانت طيب يا شاب خالد ومش حاقول عقبال 100 سنة لأنه خلاص ضمن الخلود الأبدى بمزيكته وبس.
أحمد بدوى

----------------------------------------------------------------
ع الهامش: عارف انى زودت حبتين الحاجات الشخصية اللى باكتب عنها في المدونة مؤخراً، بس ده غصب عنى عموماً، غير انى معتبر مدونتى مدونة شخصية بحتة، وحتى المواضيع الغير شخصية فيها فهى تخضع في اختيارها لذوقى الشخصى البحت أولاً وأخيراً، يعنى الهبل بتاع المدونة جريدة إلكترونية ومنبر ثقافى والكلام الحمصى ده مايدخلش ذمتى بنكلة، لكن المثير للضحك فعلاً لما بعضهم بيتعامل معاها بالمنطق ده، وعلى قد ما بيثير الضحك فهو في نفس الوقت بيثير الشفقة يعنى صاحب المدونة بيصعب عليا قد ايه هو متخيل نفسى بنى آدم فوق الباقيين لمجرد انه عمل مدونة قاعد يقول فيها كل اللى هو عايزه من غير ما حد يحوشه، ومابلاقيش حاجة أقولها في الآخر غير ربنا يشفى.

Sunday, February 17, 2008

Thanks


مدينة جميلة


وصحبة حلوة


وفرصة للتأمل


ده اللى انا كنت محتاجه في الوقت ده، وعشان كده فكرت نطلع اسكندرية في الشتا ولو ليومين بس زى ما عملنا، والحمد لله بالنسبة لى كانت رحلة "مفيدة" فعلاً، طبعاً ياريت ماحدش يخنق ويقول كانت مفيدة في إيه لأنه حيبقى سؤال عامل زى "ماهى الدروس المستفادة من هذا الفصل؟" اللى كانوا بيحطهولنا ورا كل فصل نخلصه في كتاب القراءة أوقصة العربى، بس المهم انى راجع منها وانا مستريح وحاسس ان انا أحمد بدوى اللى اعرفه. شكراً ليكى يا اسكندرية، وشكراًَ للعمرين زقزوق وفراس، وشكراً للشقة اللى أجرناها وكان فيها اوضة مقفولة والراجل قال افتحوا كل الإوض إلا دى، شكراً للقطة المسحورة اللى قابلتنى وزى ما ظهرت فجأة اختفت من قدامى فجأة... بس لسه فى خيالى قطة مسحورة، حتى لو ماكانتش كده.

-----------------------------------------------------------------

ع الهامش: حاقول نكتة، هى مابتضحكش، بس انا باحبها جداً، ومؤمن بيها جداً، مرة واحد راح لدكتور وقاله يا دكتور أنا عايز أعيش 100 سنة، الدكتور قاله بسيطة، انت بتسهر كتير؟، الراجل رد وقاله أبداً انا بانام كل ليلة بعد العشا، الدكتور قاله طيب بتقعد ترغى مع اصحابك، قاله أبداً كلامى معاهم كلمة ورد غطاها، قاله طيب بتشرب سجاير، قاله أبداً ولا باطيق ريحتها، قاله طيب بتتعاطى خمور او مخدرات، قاله عمرى ما لمستهم دول حتى حرام، قاله طيب بتعط مع نسوان، قاله أبداً ده انا حتى مراتى مش باقربلها غير فى حدود، فالدكتور قاله أمال عايز تعيش 100 سنة تعمل فيهم إيه؟...

أحمد بدوى

Monday, January 07, 2008

New Look

أنظر... أنظر جيداً... أعد النظر...
نعم، أنت لست بمخطئ... أنا عملت نيولوك للبلوج بتاعى...
هي الخطوة دى كنت عايز اعملها من ييجى سنة مثلاً، وبالذات انى كنت باتحسر كل ما اخش على البلوجات التانية وألاقى الناس بتعمل لينكات وتحط أغانى وفيديوهات، وأنا زى الحمار ولا عارف بيعملوا ده ازاى، ع العموم انا لسه برضه زى الحمار في الموضوع ده ماحصلش فرق، انما النيولوك اتعمل بفضل الأستاذة مى كامل، هي تولت الموضوع بصراحة من الألف للياء، وكمان طبقت المثل الصينى الشهير بتاع ماتدينيش كل يوم سمكة انما علمنى ازاى اصطاد، فعلمتنى ازاى اعمل لينكات للناس عندى وازاى ممكن اغير شكل البلوج (كنت غيرته بس الشكل الجديد ماعجبنيش فرجعت للقديم)... وهكذا، شكراً يا أستاذة مى، وعلى وعد للسادة القراء (صحابى اللى بيخشوا يعنى) انهم يجدوا ما يسرهم في البلوج قريباً.

---------------------------------------------------------------------------------------------

ع الهامش: النهاردة ركبت المترو كالمعتاد، كنت من يوم الخميس اللى فات ماركبتوش، يعنى انقطعت عنه تلات ايام بس، لأفاجئ عند رجوعى بحاجة عليا النعمة من نعمة ربى مانا فاهمها، عربيتين السيدات اتنقلوا من الأول للنص، طيب ليه؟، الأسخف إن العربيتين اللى في النص همة اللى قدام سلم المترو، وده معناه ان لو حد نازل مستعجل حينط جوا العربية، سيدات بقى ولا عفاريت مش حيهمه، والأسخف من ده كمان إن على ما يبدو ماحدش لسه استوعب الهبل ده، فكانت النتيجة انى ماشفتش النهاردة عربة للسيدات، كل العربيات كان فيها رجالة وستات على بعض.. طيب برضه ليه؟ حد يقدر يفسر الهبل ده؟

أحمد بدوى

Wednesday, December 19, 2007

The Godfather Trilogy

أعلم أنى سبق وحاولت تناول ثلاثية العراب قبل ذلك منذ حوالى عام،
وحاولت تناول الثلاثية من وجهة نظر معينة ولكنها لم تكن قد اكتملت بجميع عناصرها، وبعد مرور هذا العام لا أستطيع الزعم بأن وجهة النظر تلك قد اكتملت، ولكني أفترض أنها ازدادت عمقاً.

The Godfather Trilogy



هل يمكن فصل ذات الفنان عن عمله الفنى؟ سؤال فلسفى ليس هنا المجال لمحاولة الاجابة عنه، ولكن يهمنا أن هناك الكثير من الفنانين تظهر ذواتهم في أعمالهم الفنية بشكل واضح، وعلى اعتبار أن السينما فن فهذا يندرج عليها أيضاً، وهناك درجات للتعبير عن الذات، فهناك من يعبر عنها مباشرة فيما يطلق عليه أفلام السير الذاتية مثل فيلم ثمانية ونصف للمخرج الإيطالى فيدريكو فيللينى، وهناك من يعبر عن ذاته بشكل غير مباشر عندما يتعرض لأفكار أو مبادئ يؤمن بها كما فعل المخرج الإيطالى أيضاً مايكل أنجلو أنطونيونى في فيلم الانفجار، وهناك من يعبر عن ذاته بالتعرض لما أثر فيها وكونها كما فعل مارتن سكورسيزى في معظم أفلامه ومنها على سبيل المثال الشوارع. هذه الأمثلة السابقة ليست الوحيدة بالتأكيد التي يمكن الاستدلال بها على طرق التعبير عن الذات سينمائياً، ولكن اختيارها يأتي بسبب انتمائها لمدرسة سينمائية هامة هي مدرسة الواقعية، فبالنسبة لفيللينى وأنطونيونى الإيطاليان فهما من رواد مدرسة الواقعية الإيطالية كما هو معروف، ولا يعنى ذلك أنهما سعيا لنقل الواقع تماماً كما هو لأن كاميرا السينما ليست محايدة وانما تخضع لرؤية من يحركها، وبالتالى فقد نقلا واقع ذواتهما، وكانت الأجواء السينمائية في إيطاليا متناغمة مع ذلك الأمر بحكم أن السينما الإيطالية في تلك الفترة (الستينات) اصطبغت بشكل عام بأفلام مدرسة الواقعية، ولكن في الولايات المتحدة عندما حان موعد ظهور مخرجين أمريكيين متأثرين بها في بداية السبعينات لم تكن الأجواء السينمائية الهوليودية تسمح بالتمرد على قواعدها العتيدة بشكل جامح يصل للحديث عن الذات بشكل مباشر، ولذا جاءت أفلام هذه المرحلة معبرة عن ما شاهدته الذات مثلما حدث مع سكورسيزى.
وبناء على ذلك، وبحكم انتماء المخرج الأمريكى ذو الأصول الإيطالية فرانسيس فورد كوبولا إلى تلك الحقبة (يعتبر مع سكورسيزى و وودى الآن روادها في الولايات المتحدة)، جاء فيلمه الأهم العراب معبراً عن ما شاهدته ذاته، ولكنه يختلف عن بقية أفلام تلك المرحلة في أن الثلاثية بشكل لاواعى قد عبرت عن ذاته فعلياً كشخص أمريكى من أصل إيطالى، وليس المعنى هنا أن كوبولا هو أحد أبطال الفيلم (وهو ما يندرج صراحة على كاتب الثلاثية ماريو بوتزو)، ولكن المغزى من وراء الثلاثية هو ما عبر عنه.
اعتماداً على الافتراض السابق كتبت المقالات الثلاث كمحاولة لقراءة تلك الثلاثية التي لن يمل شخص طبيعى من محاولة قراءتها.

The Godfather




بعد 11 دقيقة من بداية الفيلم يدخل إلى حفل الزفاف مايكل كورليونى/آل باتشينو وهو مرتدياً بذلة عسكرية وبصحبته فتاة شقراء هي كاى/دايان كيتون، منظرهما يبدو غريباً وسط الرجال أصحاب الملابس السوداء الإيطالية، والفتيات خمريات اللون سوداوات الشعر، موطن الغرابة هنا لا ينبع فقط من منظرهما وإنما لأننا شاهدنا في العشر دقائق السابقة كيف يتعامل أصحاب الأزياء الإيطالية مع أصحاب الملابس الرسمية، فالدون فيتو كورليونى/مارلون براندو يوكل بمهمة لنائب في الكونجرس، وابنه الأكبر سونى/جيمس كين يضرب مصور تابع للمباحث الفيدرالية ويحطم كاميرته ثم يلقى له بثمنها، مما يعنى أن العائلة تتعامل مع الرموز السياسية التي تشكل قمة هرم منظومة القيم الأمريكية باحتقار وتعالى، كما تفرض قانونها الخاص عليها.


عند العلم بأن صاحب البذلة العسكرية هنا هو الابن الأصغر للدون فيتو كورليونى تكتمل الدهشة، ولكنها تزول تدريجياً عندما يعلن مايكل لصديقته كاى عن طبيعة نشاط عائلته وأنه ليس جزءً منها، هذا الإعلان يشير إلى رغبة مايكل في الانتماء والانخراط التام في منظومة القيم الأمريكية التي تقوم على مفاهيم الأنانية والفردية والابتعاد عن مفهوم الانتماء للعائلة، مايكل هنا هو ذلك الأمريكى الإيطالى الذي ينبهر بالحلم الأمريكى، ويؤمن به إيماناً شبه مطلق، وكل معطيات شخصيته تشير لذلك.
مع تطور الأحداث نصل لنقطة محورية فيها وهى محاولة الإغتيال الفاشلة للدون فيتو، محورية تلك النقطة لا تقتصر فقط على مستوى دراما الفيلم وإنما تمتد للبعد الفكرى المطروح هنا والمتعلق بإيمان مايكل بالحلم الأمريكى، هذا الإيمان ينهار ويتلاشى تماماً عند اصطدامه شخصياً بإحدى قمم منظومة القيم الأمريكية والمتمثلة في الضابط الفاسد ماكلاسكى، فهو إثبات أن الحلم الأمريكى ليس على تلك الدرجة من النقاء، كما أنه يتعارض مع انتماءه للعائلة، فهذا الضابط كان يسعى فعلياً لقتل والده، ومن هذه اللحظة يبدأ الصراع الداخلى لدى مايكل ليعبر عن ازدواجية انتمائه ما بين كونه إيطالياً وأمريكياً في الوقت ذاته، ومن ملامح إحكام بناء شخصية مايكل هنا أنه كان صادقاً في الانتمائين، فهو عندما انتقل إلى صقلية أحب أبولونيا حباً حقيقياً كحبه لكاى تماماً، ولكننا نفهم من الأحداث أن درجة حبه لأبولونيا كانت أقوى، لأنه لم يخجل بالتصريح بحبها بعكس ما حدث مع كاى في بداية الفيلم، كما أنها قد تمكنت فعلياً من جعله ينسى كاى تماماً ولا يفكر فيها إلا بعد قتلها خطأً.
وبالعودة للافتراض الذي وضعناه سابقاً عن أن فرانسيس فورد كوبولا المخرج الأمريكى من أصل إيطالى كان يسعى ولو بشكل لاواعى للتعبير عن ذاته سينمائياً عبر هذا الفيلم، نجد أن كوبولا المخرج الشاب الواعد وقتها يعكس في ثانى فيلم يمكن أن نطلق عليه كلمة "فيلم لكوبولا" (ليس ثانى أفلامه فعلياً ولكنه الثانى الذي يحمل بصمته بالكامل) معاناته الشخصية في صراعه بين منظومة القيم التي تربى عليها داخل العائلة الإيطالية، وآماله المعلقة بالحلم الأمريكي القائم على منظومة قيم مخالفة لتلك التي عرفها في العائلة، قيم تمجد من فكرة الأنانية والفردية كأسلوب لتحقيق الذات مع إهمال الآخرين جميعاً، ومن الواضح أن كوبولا كان لديه الميل للانتصار لقيم العائلة، وهو ما يبدو واضحاً بشدة في ميل مايكل الواضح لأبولونيا، كما يمكن استنتاجه من قراءة أسماء العاملين في الفيلم المنتمين لعائلة كوبولا.

The Godfather II


اللقطة الأولى من الفيلم لمايكل كورليونى وهو يجلس في إضاءة خافتة تقترب من الإظلام، جلسته توحى بعظمة وعينيه توحى بخواء داخلى سببه غير مفهوم بعد، اللقطة التالية مباشرة نرى فيها جنازة بصقلية، وتكتب على الشاشة جمل تلخص حياة الطفل فيتو كورليونى، تبدأ بعدها تتابعات قصة فيتو الصغير، أهمية التناقض بين اللقطتين السابقتين لا يرجع فقط إلى تأسيسهما المبدأى للأسلوب السردى الذي سيسير عليه الفيلم، بل يعطى انطباعاً عاماً عن طبيعة القصتين اللتين نشاهدهما بالتوازى، وهما قصة مايكل وفيتو الشاب، اللقطة الأولى لمايكل داخلية مظلمة، بينما اللقطة الأولى لفيتو نهارية تصطبغ بألوان دافئة، هذان الاطاران البصريان المتناقضان يستمران في القصتين طوال أحداث الفيلم لتصل بك للنقطة التي سعى فرانسيس فورد كوبولا لها، وهى أن حياة الدون فيتو كورليونى حياة حميمية مليئة
بالدفء، في مقابل حياة مايكل الباردة والمظلمة، ولكن لماذا كل من هاتين الحياتين على هذا الشكل؟


إجابة هذا السؤال في الأساس غير مطلوبة أثناء المشاهدة، فالسينما الحقيقية هي التي تقدم الاستمتاع أولاً، ويكفى تحقيق تلك الحالة من اللذة الانسانية عند مشاهدة اغتيالات مايكل لخصومه في النهاية، أو رؤية فيتو وهو يخرج أحشاء الدون تشي تشى الذي قتل أسرته منذ أكثر من عقد، وهى لذة غير دموية وإنما لذة ذكورية أكثر، تتعلق بالرغبة في فرض قوانين الذات على الآخرين جميعاً بما في ذلك العقاب الذي قد يصل لحد القتل، والاكتفاء بذلك لا ينتقص أبداً من قدر الفيلم، ولكن هناك نظرة أعمق وراء سير الأحداث المتوازى المتناقض في الوقت ذاته، فالتناقض في صناعة الاطار البصرى الذي ذكرناه سابقاً يعكس بالتالى التناقض في طبيعة القصتين، والذى يمكن اختصاره بأن قصة فيتو تشهد صعوداً درامياً للبطل بينما قصة مايكل تشهد سقوطه درامياً، والسقوط والصعود هنا رهن برؤية المخرج كوبولا بمنظومة القيم لدى المجتمع الأمريكى، كما ذكرنا سابقاً، فالمجتمع الأمريكى يؤكد على قيمة الفردية والأنانية في التعامل، حيث يسعى الفرد لتحقيق ذاته دون اهتمام بالآخرين، وهو ما يسعى الجزء الأمريكى في مايكل له، حيث يفقد صلته بعائلته تدريجياً، ومع كل تتابع نشاهد فيه ابتعاد مايكل عن عائلته نرى على الجانب الآخر في تتابعات قصة فيتو كيف أنه يقترب من عائلته أكثر، شاهد على سبيل المثال التتابع الذي يتخلص فيه فيتو من الدون فانوتشى، في نهاية هذا التتابع يجلس فيتو مع أسرته الصغيرة ويداعب مايكل الطفل أثناء احتفال دينى ضخم، الألوان هنا على كثرتها دافئة توحى بالحميمية، يتلو ذلك إظلام تام وصمت قصير، ثم الانتقال لتتابع مايكل لنجده في حديقة منزله الخالية إلا من الثلج وسيارة ابنه اللعبة الخالية أيضاً، فدخول مايكل للمنزل حيث يجد زوجته تحيك ثوباً ما وهى صامتة، ثم ينتهى هذا التتابع بتوجهه لأمه كى يسألها إذا ما كان مقصراً في حق عائلته أم لا، هذا التتابع تغلب عليه الألوان الباردة مع الأسود والصمت الكئيب، يؤكد على هذه الفكرة التتابع الأخير من القصتين حين يطلب فيتو من مايكل الصغير أن يودع العائلة في صقلية، ثم نجد في تتابع قصة مايكل كيف أنه أعطى الأمر بالتخلص من أخيه فريدو، كعلامة أخيرة على قطع آخر صلاته بالعائلة، وانتصار الأنانية الأمريكية في مايكل على قيمة العائلة المفتقدة لديه (لاحظ هنا أن المشهد التالى كان إعلان مايكل عن الالتحاق بالجيش الأمريكى كأول علامات الرغبة في الابتعاد عن العائلة).


يمكن إذن اعتبار أن كوبولا في هذا الفيلم كان ما يزال يعانى ذات الصراع الذي عانى منه مايكل، ولكنه بدأ في الاحساس بتورطه داخل منظومة القيم الأمريكية، ولهذا فهو أيضاً يفرض على مشاهد فيتو مسحة من الحنين إلى الماضى يفتقدها هو شخصياً، ويتأكد ذلك عندما نعرف أن المشهد الذي أعطى فيه فيتو كورليونى المال للدون فانوتشى كان والد كوبولا شاهداً عليه، وأكثر من ذلك أنه ظهر بالفعل ليعزف الموسيقى (والد كوبولا هو الموسيقى كارمن كوبولا) في نسخة الفيديو من هذه الثلاثية، وبالتالى يأتي هذا الجزء في مستوى لا يقل أبداً عن الجزء السابق، ولكن نتيجة هذا الصراع لدى كوبولا شخصياً ظهرت كأوضح ما يكون في الجزء التالى.

The Godfather III



ربما لا يتم التعامل مع ظروف صناعة الفيلم أو التعرض لها أثناء الكتابة عنه، وذلك بحكم أن ظروف الصناعة غالباً لا تتدخل في جماليات الفيلم، كما أنها ليست حكماً على كيفية ظهوره، وكمثال فعند الإطلاع على ظروف صناعة الجزأين السابقين من العراب ستتولد حتما دهشة كبيرة من كيفية خروج الفيلمين على هذا المستوى بالرغم من الإحباطات الكثيرة التي صاحبت ظروف الصناعة وخاصة في الجزء الأول الذي تعاملت معه شركة باراماونت على أنه فيلم درجة ثانية ولم توفر للمخرج فرانسيس فورد كوبولا كل ما أراده، ووضعت في وجهه العديد من العثرات حتى فوجئت بالنجاح الجماهيري الغير متوقع للفيلم، ولكن الجزء الثالث من تلك الثلاثية السينمائية الهامة على أكثر من مستوى لابد من الحديث عن ظروف صناعته لأنها أثرت بشكل مباشر على جماليات الفيلم وكيفية ظهوره.
القصة باختصار أن المخرج فرانسيس فورد كوبولا كانت لديه التزامات مالية لابد من سدادها وهو لا يملك ذلك، وكان الإنقاذ الوحيد يتمثل في صناعة فيلم ضخم يضمن تحقيق إيرادات عالية تنقذ الشركة من الإفلاس، وأي فيلم يضمن كوبولا تحقيقه هذا الأثر سوى جزء ثالث من الفيلم الناجح العراب؟، بدأ كوبولا الإعداد للفيلم، وطلب من آل باتشينو الاستعداد له، ولكن آل طالب برفع أجره قليلاً، وبالطبع لم يوافق كوبولا على ذلك، وبسبب حاجته لتحقيق جزء ثالث من الفيلم شرع في كتابة سيناريو جديد يبدأ بمشهد لجنازة مايكل كورليونى فيما يشير لاستغنائه عن آل باتشينو، وهو ما اضطر آل لقبول الدور بالأجر الذي حدده كوبولا في البداية، وتم تحقيق الفيلم كما شاهدناه جميعاً، إلى هنا تنتهي هذه القصة.
قد يظن هنا أن التعجل في صناعة الفيلم هو ما أدى لوجود تلك العيوب البارزة التي لا يستطيع أحد إنكارها، على سبيل المثال هناك أزمة في بناء شخصية مايكل كورليونى في هذا الفيلم، فبغض النظر عن أن مايكل كورليونى هو انعكاس لزعماء مافيا حقيقيين مثل فرانك كاستيللو ولاكى لوسى ما كانوا ليسمحوا أبداً لطليقاتهم بالزواج من آخرين، فإن بناء شخصية مايكل في الجزأين السابقين وحده يمنع ذلك، ناهيك عن التهاون في حق الاحتفاظ بأبناءه، وعلى أية حال ليست هذه الأزمة الوحيدة في سيناريو هذا الفيلم، وإنما هناك أيضاً شخصية الدون ألتابيلو، والذى يفترض أنه الأب الروحى لأبناء فيتو بمن فيهم مايكل، وله مكانة شرفية هائلة كما نفهم، فهل ظهر هكذا فجأة كأنه لم يكن موجوداً قبل ذلك؟، كان يمكن ابتكار شخصية أخرى تمثل الخيانة العائلية في هذا الجزء بشكل أفضل (تذكر كارلو وفريدو في الجزأين السابقين على التوالى)، أيضاً هناك التكرار الساذج لمراحل انتقال السلطة من مايكل إلى فينشينزو مثلما انتقلت من فيتو إلى مايكل قبل ذلك، فالجمل الحوارية التي ارتقى بها البعض ليصفها كجمل تشرح كيفية التعامل مع الحياة في الجزأين السابقين ستجدها هنا مكررة بشكل مطول وفاضح بلا أي معاني خفية، وهو ما يدفعنا مباشرة للكوارث الإخراجية في هذا الفيلم، فهو لم يتمكن من صنع مشهد كامل يمكن أن تطلق عليه كلمة "مؤثر" مثل مشهد اغتيال سالوتزو أو التعميد في الجزء الأول، ومشهد اغتيال الدون فانوتشى أو حفلة رأس السنة في الجزء الثاني، ولا داعي لذكر مشهد النهاية هنا باعتباره مشهداً "مؤثراً"، فالانفعالات المسرحية المبالغ فيه كانت كفيلة وحدها بتشويه الكادر، بالإضافة لعدم تلائم انفعال مايكل كورليونى مع شخصيته وهو ما سيعيدنا ثانية لنقطة ضعف السيناريو.



كذلك هناك مشكلة أخرى أهم كثيراًُ من كل ما سبق، فالفيلم بجزأيه كان يسعى لإيجاد حالة نفسية في الأساس تعتمد على التوحد مع البطل، والتوحد في السينما يعتمد في جزء منه على شخصية الممثل ذاته وما يتمتع به من كاريزما، لذلك لم توجد مشاكل في انتقال السلطة من مارلون براندو إلى آل باتشينو لأن كليهما يملك تلك الكاريزما بالإضافة لتمكنه من أدواته التمثيلية، ولكن ذلك لم يحدث في هذا الجزء بفضل الاختيار الخاطئ للممثل صاحب الوجه المبتسم دائماً آندى جارسيا، والذى زادت ابتسامته في هذا الفيلم إلى حد الضحك أحياناً وكأنه يعبر عن سعادته بالاشتراك في الثلاثية.



الخلاصة إذن أن هذا التعجل في تحقيق الفيلم، والدوافع المادية وراءه تضع أمامنا الفرض الذي وضعناه من البداية بأن كوبولا يعبر عن ذاته في هذه الثلاثية، فالجزءان السابقان كانا ينتهيان باستمرار الصراع بين منظومة القيم الأمريكية الداعمة للفردية والأنانية وبين مفهوم العائلة، وهو الصراع الذي يعانيه كوبولا باعتباره أمريكى إيطالى، ولكن هذا الجزء يشهد انتصار منظومة القيم الأمريكية على فكرة العائلة، وهو ما ينعكس بالضرورة وفقاً لافتراضنا الأول على كوبولا الذي حقق فيلماً لا يهدف من وراءه إلا لإنقاذ ذاته وجمع مبلغ ما ليتجنب الافلاس والمشاكل المادية، مثله في ذلك مثل أي رجل أعمال أمريكي، لا يهتم كثيراً بالعائد الحقيقي من فائدة أو متعة على جمهوره بقدر ما يهمه تحقيق أكبر مكسب ذاتي.

أحمد بدوى

------------------------------------------------------
------------------------------------------------------
ملحوظات جانبية:

-لعدم تمكنى أو معرفتى حتى الآن من كيفية الكتابة بالإنجليزية وسط نص بالعربية على البلوج، فقد اضطررت فى المقدمة لترجمة أسماء بعض الأفلام للعربية، وهذه هى عناوينها الإنجليزية لمن يريد البحث عنها ومشاهدتها:


ثمانية ونصف

Eight & Half


إنفجار

Blow UP


الشوارع

Mean Streets

-شكر خاص لصديقى العزيز أحمد الكاس الذى بسببه تمكنت من نشر هذه التدوينة (ماكنتش عارف أعمل أبلود للصور وهو اللى عرفنى طريقة سحرية لعملها)
------------------------------------------------------------------------------------------------

ع الهامش: عارف ان بقالى شهرين بالظبط ماكتبتش أى تدوينة على الاطلاق، ده ماكنش بمزاجى، أنا فعلاً كنت عايز أكتب لكن اللى منعنى التعذيب اللى شفته، التعذيب ده ماكنش فى الشغل اللى الواحد بيضطر يتعامل فيه مع مرضى نفسيين أحياناً، ولا كان فى اطار صحابى اللى بقيت متعود على ندالة بعضهم، ولا كان عذابى مع أذواق العمال اللى بيشطبوا شقتى وتصميمهم انى ماحطش بلاط أزرق عشان الأزرق غامق، ولا حتى فى مكان من إياهم اللى ورا الشمس اللهم احفظنا، التعذيب كان أشد من كده بكتير، انا اتحرمت من الكومبيوتر أسبوع كامل، المشكلة ان فى الأسبوع ده كانت بتجيلى أفكار بالهبل وكلها ماينفعش أعملها إلا إذا كان الكومبيوتر قدامى وشغال، وبمجرد ما طورت الكومبيوتر فوجئت ان الأفكار دى ولا حاجة منها فى دماغى، راحت فين لحد دلوقتى ماعرفش، بس البركة بقى فى العراب هو اللى رجعنى تانى للتدوين، مش بس للتدوين، ده انا باحس أحيانا انه بيرجعنى للحياة.

أحمد بدوى